بعض رغباتنا البدائية الكامنة في اللاشعور قد تكون تحمل تهديدا تاما فقد نرغب بعدم العمل او بالسرقة او نهب الاخرين و ايذائهم او ممارسة الجنس بطرق همجية او حتى الياس من أنفسنا الى اخره من الافعال التي تكون مدمرة لنا و لغيرنا مع ذلك معظمنا لا برغب في فعل ذلك حتما ففي الواقع نحن نفرغ طاقاتنا في الاعمال الهادفة و المشاريع التي تساعدنا في الحياة و نمضي قدما في محاولة أن نكون مفيدين فكوننا قادرين على ان نكون فعلا مفيدين أبهر ذلك مؤسس التحليل النفسي سيجموند فرويد خلال ابحاثه فأعطى مسمى خاص للقدرة على استخدام طاقاتنا البدائية الأنانية و التدميرية بطرق نافعة أطلق على هذه العملية مسمى الاتسامي او الاعلاء Sublimation خطرت هذه الفكرة لفرويد عندما كان يقرأ كتاب رحلات معروف و جذاب اسمه رحلات هارز و المؤلف من قبل شاعر من القرن التاسع عشر اسمه هاينرش هاينه ذكر هاينه لقائه بجراح ألماني عظيم اسمه يوهان فريدريش ديفنباخ ( في الصورة ) و الذي كان اناني و سادي للغاية عندما كان صبيا اذ كان يقطع ذيول الكلاب الضالة بغية المتعة المنحرفة لكن لاحقا كبالغ نضج ليصبح جراح خبير غير أناني و ماهر و الذي توصل الى اكتشافات رائدة في مجال الترميم و عمليات التجميل شعر فرويد بأن هذا التطور من شخص كان يستخدم السكين بسادية في الايذاء الى شخص يستخدمها بنبل في الاصلاح لا يمكن الى مجرد صدفة و فكر ماذا لو كان هذا الفعل ينتمي الى نمط واسع النطاق من السلوك حيث يتعالى دافع فطري ضار و مشين ليخرج بشكل معاكس حيث تحدد كمية الطاقة السلبية الطاقة الايجابية شعر فرويد بأن هذه الرغبة في التعويض كامنة في قلوب العديد من المنجزين العظماء في مجال الفنون و السياسة و العلوم لذا قد يقوم محقق عظيم في أحد مستويات اللاشعور بالدفاع عن نفسه ضد بعض رغباته الغير شرعية و السياسي المهتم بمحنة الفقراء قد يكون صعد او تسامى مع دافع بدائي من الجشع المتفاقم في مقالة عن ليوناردو دافينشي 1910 يقول فرويد بأن دا فينشي كان طفلا نشطا جنسيا للغاية، الذي جعل بعد ذلك تسامي حياته الجنسية في البحث العلمي والفن.كما يقول فرويد، فإن الرغبة المحرمة للمتعة الجنسية (في هذه الحالة، لأمه ومن ثم الأولاد الآخرين) تحولت في دافنشي إلى شرف كبير وقوي "الرغبة العامة في المعرفة".نظرية التسامي مشجعة جدا لأن هناك الكثير حول ما نراه مستحيلا ان يكون مبتكرا في الواقع .و بينما يكون الكثير من الغضب و العدمية الغير ناجعة لاحظ فرويد قدرتنا على ايجاد البدائل و التعويض و يتكرر ذلك دائما في اعماله فمثلا كلنا عندما كنا رضعا و اطفالا كن نريد تحقيق المتعة الفورية و الحصول على ما نريد فورا و الا سيكون ذلك قاسي بالنسبة لنا كنا نرى انفسنا محور المحيط الذي يجب على الكل ان يوفرو لنا كل شي بشكل سخي و ان لم يتحقق لنا ذلك نبكي و نصرخ ونغضب و لكن عندما كبرنا و أصبحنا بالغين و ناضجين استبدلنا استبدالنا أهدافنا النرجسية الأصلية لبدائل أكثر أخلاقية ومثمرة طبعا يبقى داخلنا شعور غير راضي لاننا اصبحنا نعتمد على انفسنا و اصبحت رغباتنا تقابل صعوبة ولكن التسامي يظل خيارا مفيدا للغاية بالنسبة لنا فمثلا يمكننا تحول رفض حب شخص لنا بكتابة رواية وكما رأى فرويد، فإن التحليل النفسي هو المجال الذي يهدف إلى مساعدتنا على اكتشاف كيف يمكننا استخدام خيبات أملنا بشكل أكثر إنتاجية
محمد أمين / اتحليل النفسي اليوم
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق