أحدث المشاركات

إعلان أعلى المشاركات

ضع إعلانك هنا

الخميس، 11 يوليو 2019

ما هو اللاوعي ؟



ف محمد أمين / التحليل النفسي اليوم 

لقد مر مفهوم اللاوعي بتطور كبير منذ جذوره الفلسفية المبكرة حتى وضعه سيجموند فرويد في اطار نظري وتطور لاحقًا على يد محللين نفسيين مثل جاك لاكان. قبل فرويد، كان مفهوم اللاوعي موجودا بأشكال مختلفة ضمن الخطاب الفلسفي والنفسي، لكن فرويد هو الذي أوصله إلى واجهة علم النفس الحديث كقوة دينامية ومؤثرة في السلوك والخبرة الإنسانية.

قبل فرويد، استكشف فلاسفة مثل فريدريش شيلينج وآرثر شوبنهاور الأفكار المتعلقة باللاواعي. قدم شيلينج، على وجه الخصوص، مفهوم "الإرادة اللاواعية"، مما يشير إلى أن تصرفات الإنسان تسترشد بمحركات ودوافع غير واعية تتجاوز الوعي . وبالمثل، افترض شوبنهاور وجود عالم اللاوعي الذي يؤثر على السلوك البشري.

ومع ذلك، كان سيجموند فرويد هو الذي أحدث ثورة في فهمنا لللاوعي من خلال نظرياته الرائدة في التحليل النفسي. لقد تصور فرويد اللاوعي على أنه مستودع للأفكار والرغبات والذكريات المكبوتة التي كان لها تأثير قوي على التجربة الواعية. وفقًا لفرويد، يتم تحديد الكثير من السلوك البشري من خلال دوافع غير واعية، خاصة تلك المتعلقة بالجنس والعدوان.

طور فرويد أيضا بناءا على اللاوعي  تقنيات مثل تحليل الأحلام، والتداعي الحر، وتفسير زلات اللسان أو "زلات فرويد"  للوصول إلى اللاوعي واستكشافه. من خلال هذه الأساليب، اعتقد فرويد أن الأفراد يمكن أن يكتسبوا نظرة ثاقبة لرغباتهم وصراعاتهم الخفية، مما يؤدي إلى قدر أكبر من الوعي الذاتي والشفاء النفسي.

أثارت أفكار فرويد حول اللاوعي اهتمامًا وجدلًا واسع النطاق، وشكلت مسار علم النفس وأثرت في مجالات متنوعة مثل الأدب والفن والدراسات الثقافية. ومع ذلك، فإن نظريات فرويد لم تكن خالية من النقد، وقدم المحللون النفسيون اللاحقون، بما في ذلك كارل يونج وألفريد أدلر، تفسيراتهم وتوسعاتهم الخاصة بهم .

 كان جاك لاكان أحد أهم الشخصيات في تطور ما بعد فرويد لنظرية التحليل النفسي. بناءً على رؤى فرويد، أعاد لاكان تفسير اللاوعي باعتباره منظمًا كلغة، وتحكمه أنظمة رمزية ورموز ثقافية. بالنسبة للاكان، اللاوعي ليس مجرد مستودع للرغبات المكبوتة، بل شبكة معقدة من الدوال و المدلولات التي تشكل الذاتية البشرية.

لفهم ذلك أكثر قدم لاكان مفاهيم مثل "مرحلة المرآة"، و الانظمة الثلاث" الخيالي"، و"الرمزي"، و"الواقعي" لتوضيح طريقة عمل اللاوعي وعلاقته باللغة والهوية. و أيضا من خلال سيميناراته وكتاباته، تحدى لاكان الفهم التقليدي لللاوعي وقدم إطارًا جديدًا لفهم الذات البشرية والرغبة.

 لقد مر مفهوم اللاوعي بتطور مذهل منذ أصوله الفلسفية المبكرة وحتى تطويره على يد فرويد ثم تطوره لاحقًا على يد محللين نفسيين مثل لاكان. وبينما وضع فرويد الأساس لفهمنا الحديث لللاوعي كقوة دينامية ومؤثرة في علم النفس البشري، أضافت رؤى لاكان في اللغة والرمزية طبقات جديدة من التعقيد إلى هذا المفهوم التأسيسي، مما شكل مسار نظرية التحليل النفسي للأجيال القادمة.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

Post Top Ad

روابط الصفحات الاخرى

زوارنا من العالم

Free counters!

عن الموقع

مدونة التحليل النفسي اليوم هي مبادرة تهتم بالبحث في التحليل النفسي و محاولة لاثراء الثقافة التحليلية النفسية في العالم العربي من خلال تتبع و نشر كل ما يتعلق بالتحليل النفسي كعلاج نفسي و كنظرية

1

نموذج الاتصال

الاسم

بريد إلكتروني *

رسالة *