أحدث المشاركات

إعلان أعلى المشاركات

ضع إعلانك هنا

الأحد، 12 سبتمبر 2021

أصبحنا عبيدا بارادتنا -مقابلة صحفية مع البروفيسور مصطفى صفوان 2001


 

نقلت هذه المقابلة التي أجراها جمال الغيطاني مع الروفيسور مصطفى صفوان في فرنسا عن جريدة أحداث الصادرة يوم 25 نوفمبر 2001

ف محمد أمين / التحليل النفسي اليوم 

 بدأت علاقتي بالدكتور مصطفى صفوان قبل أن التقي به شخصيا لاول مرة عام تسعة و سبعين من القرن الماضي في باريس كنت قد عرفته قبل ذلك بوقت طويل من خلال قرائتي لترجمته الرائعة لكتاب تفسير الأحلام لفرويد و الذي صدرت طبعته الأولى عن دار المعارف في مطلع الستينات استعرته من دار الكتب و أحدث في أثرا عميقا و كان سعر الكتاب في ذلك الوقت جنيه و نصف و هذا مبلغ يفوق ما يتيسر لي و لرغبتي في اقتنائه عكفت على نسخه خلال المدة المحدد للاستعارة . و كانت اسبوعين هكذا نقلت بخطي حوالي ثماني مائة صفحة حتى الهوامش التي كتبت بعضها باللغة الالمانية و عندما اخبرته بذلك خلال لقائنا الاول أبدى الرجل دهشته و قال لي : انت تعبت في الكتابة اكثر مني .

جاء مصطفى صفوان الى فرنسا عام خمسة و اربعين اي السنة الي جئت فيها الى العالم و استكمل دراسة التحليل النفسي على يد أشهر ممثليه و اغزرهم علما جاك لاكان و اصبح مصطفى صفوان من ابرز ممثلي مدرسة التحليل النفسي في العالم عامة و فرنسا خاصة و له دراسات علمية عميقة في هذا المجال الا ان صلته بالعمل العام استمرت اكثر عمقا خاصة فيما يتعلق بقضايا الحريات و بالتأكيد كان ذلك دافعا الى ترجمته مقالا طويلا شديد الاهمية بعنوان ( العبودية المختارة ) كتب في القرن السادس عشر الا انه يصلح لفهم أحوال الشعوب المقهورة بالاستبداد حتى عصرنا هذا . تعددت لقائنا في باريس و القاهرة و تعلمت منه كيفية تذوق الجمال في الفن في العمارة في ما لا يبدو عاديا للعين العادية من اسرار الحياة و اختار اخبار الادب لتكون منبرا يلتقي من خلاله مع القراء .

 الأسبوع الماضي جاورته في باريس نقطتين محددتين الاولى تتعلق بما يجري في العالم الان و تاثير الاحداث الاخيرة على العلاقات بين الشرق و الغرب و الثانية رؤيته للكتابة بالعامية و قد نشر مقالات في أخبار الادب كتبها باللغة العامية المصرية فيها مقال المنشور في هذا العدد عن الارهاب في البداية سألته :

كيف ترى الواقع الآن بعد احداث سبتمبر الماضي في أمريكا ؟

 ما حدث بأمريكا - اولا - يوصف بانه عملية اره ابية الاره اب هنا له معنى قديم منذ وجد شيئ اسمه حكم اذن هو ظاهرة ليست جديدة لكنه بشكله الذي نجده عليه الان ظاهرة جديدة بمعنى ان الطغيان القديم منذ القرن 19 حينما بدأت فرنسا و انجلترا تتجهان الى العالم اخذ شكلا استعماريا ..

الاستعمار كان يستخدم القوة هناك ايضا الحروب التحررية التي كانت تستخدم القوة .

فكما ان الطغيان يولد ارهابا فرديا فالاستعمار يولد حروبا تحررية مثلما يحدث في فلسطين الان ..

قديما لم نكن نتحدث عن ارهاب فحينما كانت انجلترا توزع على عدد من جنودها ( شلنات ) لكي يقتلوا مموعة من الكينيين او حينما نمسك بأعضاء ( الماو ماو ) و تعلق اطرافهم المقطوعة على مفارق الطرق لم يكن احد يصف هذا بانه ارهاب بل طغيان استعماري .

كذلك المصريين حينما واجهوا الانجليز لم يعرف هذا بانه اره اب بل حرب تحررية ..و في فلسطين الان - ولو انكر البعض -

بالنسبة لامريكا نستطيع ان نصفها بانها قوة استعمارية بالتالي لا نستطيع ان نقول : ما تفعله هذه الدولة اره اب بداية من تحالفها مع انجلترا في اسقاط مصدق و ما فعلته في نيكاراجوا و شيلي و هندوراس كل فضائحها معروفة هذه سياسة دولة توسعية ..

الاره اب الذي ادى الى تحطيم برجي التجارة ظاهرة مرتبطة بالعولمة لاننا حينما كنا نحارب الانجليز هل كنا نذهب الى لندن لننشر الرعب بينهم ؟ّ؟ لا .. المسألة اختلفت بعد ان انكمشت الارض و اقتربت اطرافها بسبب التقدم العلمي و التكنولوجي للفعل الذي حدث بها . أصبح بامكانك الذهاب الى اي مكان -بالعالم - في ظرف ساعة تستطيع ان تتصل باي فرد في ثوان بهذا المعنى الاره اب ظاهرة حديثة مرتبطة بالعولمة.

-يهمني ان نتناول التأثيرات الثقافية بشكل أكثر تحديدا للحرب الدائرة الان على الشرق الذي تحكمه بالغرب علاقات معقدة الجانب المظلم فيها أكبر بكثير من الاآخر المضيئ ؟ السؤال الآخر هل تتجه الحرب الجديدة لأن تكون حربا ضد الاسلام ؟

 صراع الحاضر سياسي في المحل الاول و كل ما يحدث خلاف ذلك فلتغطيه وجه السياسة . الاسلام - اولا- لا يوجد به نص على اساليب الحكم بمعنى انه لا يحتوي على فلسفة سياسية .

العرب في الواقع حينما بدأو يتوسعون في بناء امبراطوريتهم نظروا حولهم و أخذوا أساليب الحكم الموجودة بالشرق الاوسط من فارس و البيزنطيين و هي حضارات دائما كانت تنشأ على ضفاف الانهار الكبرى تتميز بان حكمها لشخص ( واحد ) منذ خمسة آلاف عام لم ينتقل الحكم من يد ليد لا في مصر و لا اشور او بابل -مثلا- بشكل هادئ او بسلام الحاكم كان ينتهي حكمه اما ( ميتا) او ( مقتولا ) .

العرب في الواقع اخذوا فلسفة سياسية كانت موجدة قبلهم بالاف السنين و بالتالي لا داعي للحديث عن الاسلام له فلسفة سياسية تحارب فلسفات السياسة الموجودة في الغرب .

المسألة باختصار انه مع بداية القرن 19 بدأ الغرب المسيحي يتوسع و كانت اهم مميزاته في ذلك الوقت انه يتمتع بالديمقراطية و هي صفة تدل على القوة التي يتمتعون بها و بالتالي كانت لهم الغلبة حينها بدأو يتجهون لتحقيق سياساتهم الاستعمارية ..

هذا الامر ادى الى بالتبعية الى حروب تحررية النظم الموجودة في الشرق الاوسط و كلها نظم ( حكم واحد ) بدأت تسمح بوجود معارضة ديمقراطية هذه المعارضة نظرا لظروف الحالية لم يكن امامها الا العنف الذي ظهر بالشكل الجديد - كما تحدثت عنه - العنف الذي اصبح مدويا بسبب العولمة و تقارب الفلسفات بين الدول المختلفة .

ما يحدث الان باختصار نتيجة لامرين اولهما سياسة استعمارية امريكية الثاني نتيجة وجود جماعات عنف في بعض الدول الببدائية المقصودة بالاستعمار هذه الجماعات لا تجد طريقة للتعبير عن غضبها الا بالعنف .

الصراع الان سياسي بين قوى استعمارية و اخرى تحررية و سيظل مستمرا الى ان تتغير هذه السياسة او تسمح النظم الموجودة -لدينا- بوجود معارضة بدون ان تعتبر المعارضين خاجين عليها فتبدأ في قتلهم ! 

- تجمت نصا مهما جدا ( العبودية المختارة ) يعود الى القرن السادس عشر طبع في مصر و المغرب ارتباطا بفكرة الكتاب الرئيسية هل ترى ان الشعوب العربية او المشرقية عموما تتحمل جزءا من  مسؤولية الاوضاع الفاسدة الموجودة ببلدانها ؟ هل هناك جرثومة خاصة بنا نحن تجعلنا منسحقين و منكسرين طوال الوقت رغم ان الفساد ظاهرة جدا امام اعيننا  ؟؟ 

 لا ... ليس جرثومة خاصة بنا نحن ابدا .. ابدا ( يكور الكلمة ) المسألة ان الانظمة التي تستطيع ان تصفها بانها ( انظمة حكم الواحد )في طفولة دائمة . و هذه عملية ترجع باستمرار كما ذكرت الى ان الوجه الاول للحكم هو الاب ..

ومن هنا جاء اختلافي مع لابوسيه لانه يسأل : كيف يستطيع احد ان ينسى شعبا فكرة الحرية ؟؟ لقد وجدت انه نظرا لتشبيه الحاكم بالراعي و الاب فهذا وضع طبيعي ... السؤال الاكثر واقعية كيف تذكر الناس مسألة الحرية ؟؟

- كان ذلك في القرن السادس عشر ؟؟  

نعم ..  في هذا القرن كانت اووبا بدأت تتحور و تظهر فيها برجوازية تستطيع ان تواجه النبلاء و الاقطاعيين و الملوك و تراجع الفلسفة التي يكون فيها الحاكم هو الراعي و الاب و انه ممثل الاله على الارض ( نظرية التعويض الالهي ) .

بنا على هذا السؤال  لابوسيه : كيف نقمع الحرية ؟ و قد اجاب على نفسه بسهولة نقمعها بالتهديد و الوعيد و التخويف و الاره اب و الفساد . طبعا . لكنه حينما طرح تساؤله السابق كيف يستطيع احد ان ينسى شعبا فكرة الحرية ؟ لم يستطع ان يجيب ابدا .. ربما لم يفعل لانه لم يعش في الشرق الاوسط ..نحن ننسيهم الحرية بان نحول فردا الى اب و راع ..

 السؤال الذي يجب ان نطرحه يختلف و هو كما ذكرت كيف تذكر الناس الحرية ؟ او كيف نفكرهم بها ؟ من خلال الاجابة على السؤال نصل الى تصور جديد للحكم يكون فيه الحاكم مسؤولا امام زوجته او اولاده ..هذه هي الفكرة الاساسية التي يجب ان تصل اليها ؟ ان الحاكم مسؤول امام الله بعد ان يواجهه في النهاية !

- لابوسيه الف كتابه في القرن 16 الذي كان يعج باوضاع تشبه السائدة عندنا  الآن ..هل تعتقد انه ينبغي علينا ان ننتظر اربع مئة عام اخرى حتى يتغير الوضع الحالي ؟ ان نتجاوز فكرة الاره اب و الفساد ؟ 

 تغيير الاوضاع الى الافضل عملية لن تحدث بين يوم و ليلة في رايي ان المجتمعات التي تحكمها '( الانظمة الواحدة )و هي الشائعة في غالبية الانسانية فالى جانب خلع صورة الاب على الحاكم . ترى دائما ان سلطة الحاكم ليست من الناس على الارض لكن من اعلى ! و لكي تكون قادمة من اعلى فهناك اعتماد على ( القداسة ) و هي لا تعطى الفرد الحاكم انما لمصدرها و هي السماء ..

في كل المجتمعات الشبيهة بنا تعطى القداسة للمال الي يظل لغة للدواوين و الادب الفكرة و الثقافة بوجه عام .

 هذا الاسلوب ينسي الشعب فكرة الحرية نهائيا لانه لا ثقافة و لا تفكير الكل منفصل .

 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

Post Top Ad

روابط الصفحات الاخرى

زوارنا من العالم

Free counters!

عن الموقع

مدونة التحليل النفسي اليوم هي مبادرة تهتم بالبحث في التحليل النفسي و محاولة لاثراء الثقافة التحليلية النفسية في العالم العربي من خلال تتبع و نشر كل ما يتعلق بالتحليل النفسي كعلاج نفسي و كنظرية

1

نموذج الاتصال

الاسم

بريد إلكتروني *

رسالة *