من شأن الأسلوب المعتاد الذي درجنا على سلوكه في التفكير أن يتخذ ازاء التحليل النفسي موقفا معاديا .. فليس مما يروق لعقولنا التسلم بالفكرة التي يقوم عليها التحليل النفسي ... الفكرة القائلة بأن العمليات الذهنية اي العقلية عمليات لا شعورية في أصلها أي تنبعث عن بواعث في نفوسنا و لكنا لا نفطن الى وجودها و أن الدوافع ( الجنسية ) او الليبيدية تقوم بدور كبير ذي اهمية خاصة في خلق الأسباب المؤدية الى الاضطرابات العصبية و العقلية .. بل أن دور هذه الدوافع الجنسية أكبرمن هذا بكثير اذ انها ساهمت بنصيب يفوق كل تقدير في تحقيق اسمى ما بلغه العقل من انتصارات ثقافية و فنية و اجتماعية ...
و العوامل النفسية التي تكمن وراء الاخطاء بشتى انواعها التي سنفصلها في ما يلي هي خير الادلة على الحوافز تخضع لتاثير العقل الباطن اي الامور التي تكمن في اذهاننا دون ان نفطن اليها .. ونقصد بالاخطاء تلك الظواهر العامة المألوفة التي تبدر عن كل شخص سليم البنيان و العقل ...
كهفوات اللسان و زلات القلم و السهو عن المواعيد و عدم وضع الاشياء في اماكنها او الغفلة عن الاماكن التي وضعت فيها ... الخ
و من هذه الاخطاء من الاحداث التافهة و الظواهر العارضة الطارئة الا انها في الواقع تنطوي على معان خاصة تكشف عما في نفس مرتكبها .. و لا ينبغي ان تؤخذ على انها نتيجة تعب او انفعال او عدم انتباه ...
فالاخطاء المطبعية مثلا تكشف بسهولة عن الحوافز النفسية الكامنة في عقل الانسان الباطن من ذلك ان صحيفة اشتراكية ديمقراطية في بلد تحت الحكم الملكي نشرت وصف احدى الحفلات هذه العبارة : ( وكان بين الحضور سمو الكلاون برينس ..و كانت تقصد الكراون برينس - اي امير التاج - ولي العهد و لكن الغلطة المطبعية التي قلبت الراء لاما جعلتها ( الامير المهرج )..
و قد تكون لزلة اللسان تعليل ظاهري و لكنها كثيرا ما تنم عن معنى العقول و تكشف عن باعث مكبوت اي ان النتيجة تستحق ان تراعى في حد ذاتها كعملية عقلية سليمة تهدف الى غرض يترتب عليها و تنطوي على معنى يقصده العقل الباطن و يتمناه .. من ذلك ما يبدو من شخص يرى صديقا له في بزة صارخة الالوان فيستهجن مظهرها في نفسه و لكن يريد ان يتملقه فاذا به يقول له : ( ما هذه البهدلة الهائلة ؟ بدلا من ما هذه البدلة الهائلة ؟ و زلة اللسان هنا هي في الغالب تعبير عما جال في ذهن صاحبها من رأي ..
و في بعض الحالات تحرف زلة اللسان الكلمة فتضيف المعنى الذي في نفس صاحبها الى المعنى الذي يريد ان يتظاهر به كان تهم بان تقول لزائر : شرفتنا فاذا بها تنطلق من لسانك : ضرفتنا ... فهنا يجمع اللسان بين ضايقتنا و شرفتنا
محمد أمين / التحليل النفسي اليوم
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق