يتناول هذا الكتاب قضايا تقع في النطاق المشترك بين تاريخ وفلسفة العلوم، ويهدف إلى إظهار وجود رابط متين بين العلم والفلسفة باستخدام المدرسة الكوبرنيكية والداروينية والفرويدية كمدارس علمية. ثمة روابط عديدة تجمع بين كوبرنيكوس وداروين وفرويد أكثر من مساهماتهم في استكمال الثورة التي أحدثها كوبرنيكوس. وتُبيِّن دراسة الكوبرنيكية والداروينية والفرويدية أن المناهج العلمية لدراسة العالم تؤدي على نحو طبيعي وحتمي إلى نتائج فلسفية.
رأى
فرويد أن الأفكار العلمية تُغيِّر طريقة تفكيرنا بشأن العالم؛ فقد أزاح
كوبرنيكوس — من خلال نظرية مركزية الشمس — البشر من المركز المادي للكون
(١٥٤٣). ووضع داروين — من خلال نظرية النشوء والارتقاء — البشر في وضعهم
الطبيعي بين الكائنات (١٨٥٩). ويرى فرويد أن كوبرنيكوس وداروين سدَّدا
ضربات قاسية للصورة التي يفخر بها البشر بوصفهم سادة الكون. ورأى فرويد أنه
يكمل دائرة تصحيح هذه الصورة من خلال تدمير الاعتقاد بأن البشر «مسيطرون
على أنفسهم» (١٩١٦).
غير أن تأثير الأفكار العلمية على الصور
الذاتية للبشر ليس سوى جزء صغير من النتائج الفلسفية التي تؤدي إليها
النظريات العلمية عادةً. هذا الكتاب عبارة عن دراسة لثلاث ثورات في الفكر
ونتائجها الفلسفية، وهو تطبيق لنهج متكامل لتاريخ وفلسفة العلوم. يتناول
الفصل الأول الانتقال من مفهوم مركزية الأرض إلى مفهوم مركزية الشمس. ويركز
الفصل الثاني على التغير الشديد الأهمية في وجهات النظر حول طبيعة الحياة
العضوية، الذي سيرتبط إلى الأبد باسم تشارلز داروين. ويناقش الفصل الثالث
انتقال فرويد من عقلانية التنوير إلى الدوافع اللاواعية كقوة دافعة للسلوك
البشري. ومن شأن إلقاء نظرة واحدة فقط على جدول محتويات الكتاب أن يوضح
للقارئ أن كل فصل يختار عددًا من القضايا الفلسفية النابعة من دراسة تقاليد
محددة في تاريخ الأفكار العلمية.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق