أحدث المشاركات

إعلان أعلى المشاركات

ضع إعلانك هنا

الأربعاء، 17 مارس 2021

حالة الرئيس بول شريبر 1911

ف محمد أمين / التحليل النفسي اليوم 

أصبح دانييل بول شريبر، وهو قاضٍ ومؤلف وسياسي ألماني بارز، موضوعًا لدراسة حالة نفسية مهمة بسبب صراعه الموثق مع الذهان. أصبحت حالته، المفصلة في مذكرات سيرته الذاتية بعنوان "مذكرات مرضي العصبي" (1903)، منذ ذلك الحين حجر الزاوية في مجالات الطب النفسي والتحليل النفسي. فيما يلي نظرة عامة على حالة دانييل بول شريبر:

خلفية:

ولد دانيال بول شريبر في 15 يوليو 1842 في لايبزيغ بألمانيا لعائلة ميسورة الحال. واصل مسيرته المهنية الناجحة في مجال القانون، وترقى في النهاية إلى منصب قاضٍ في محكمة الاستئناف الملكية السكسونية. على الرغم من إنجازاته المهنية، اتسمت حياة شريبر بفترات من الاضطراب النفسي الشديد والاضطراب.

بداية الأعراض:

بدأت صحة شريبر النفسية في التدهور في أواخر القرن التاسع عشر، وتميزت بنوبات من القلق الشديد والاكتئاب و الضلالات المصحوبة بالبارانويا . لقد عانى من الهلوسة السمعية، وكان يعتقد أنه يخضع للسيطرة على عقله من قبل قوى خارجية، والتي أشار إليها . اشتدت أعراض شريبر مع مرور الوقت، مما أدى إلى دخوله المستشفى في نهاية المطاف.

الاستشفاء والعلاج:

في عام 1884، تم قبول شريبر في مصحة سونينشتاين في بيرنا، ألمانيا، حيث مكث لعدة سنوات تحت رعاية الطبيب النفسي البروفيسور بول فليخسيج. على الرغم من العلاجات المختلفة، بما في ذلك العلاج المائي، والعلاج الكهربائي، والمهدئات، أظهرت حالة شريبر تحسنًا طفيفًا. استمر في تجربة ضلالات الاضطهاد واعتقد أنه كان هدفًا لمؤامرة واسعة دبرها الله وكائنات دنيوية أخرى.

مذكرات السيرة الذاتية:

خلال فترة وجوده في المصح، بدأ شريبر في كتابة مذكراته بعنوان "مذكرات مرضي العصبي" كوسيلة لتوثيق تجاربه وتوضيح معتقداته الوهمية. تقدم المذكرات، التي نُشرت عام 1903، وصفًا تفصيليًا لنكوص شريبر إلى الذهان وتقدم نظرة ثاقبة لنظامه الضلالي المتقن.

التفسير التحليلي:

وجهة نظر فرويد:

استحوذت حالة شريبر على اهتمام سيجموند فرويد، الذي قدم تفسيرًا تحليليًا نفسيًا لأعراضه في عمله الأساسي "ملاحظات تحليلية نفسية على حساب السيرة الذاتية لحالة جنون العظمة" (1911). نظر فرويد إلى ضلالات  شريبر على أنها مظهر من مظاهر الرغبات الجنسية المثلية المكبوتة والصراعات الأوديبية التي لم يتم حلها، والمتجذرة في علاقته مع والده الاستبدادي.

الصراع الأوديبي: فسر فرويد ضلالات شريبر على أنها نابعة من الصراعات الأوديبية التي لم يتم حلها، وخاصة فيما يتعلق بعلاقته مع والده. وفقًا لفرويد، كانت ضلالات  شريبر حول الاضطهاد بمثابة آلية دفاع ضد الرغبات الجنسية المثلية المكبوتة كما ذكرنا  و قلق  الخصاء.

الرغبات اللاواعية: يعتقد فرويد أن ضلالات  شريبر كانت تعبيرات رمزية عن الرغبات والصراعات اللاواعية. لقد نظر إلى إيمان شريبر بالاضطهاد الإلهي باعتباره إسقاطًا لعداءه اللاواعي وتناقضه تجاه شخصيات السلطة، بما في ذلك والده.

التطور النفسي-جنسي: أكد تفسير فرويد لحالة شريبر على دور التطور النفسي الجنسي في تكوين الأعراض العصابية. لقد رأى في ضلالات  شريبر بمثابة نكوص إلى المراحل المبكرة من التطور النفسي-جنسي ، حيث عادت الصراعات التي لم يتم حلها إلى الظهور في أشكال مشوهة.


وجهة نظر لاكان:

مرحلة المرآة: تناول جاك لاكان حالة شريبر من خلال عدسة نظريته عن مرحلة المرآة. لقد رأى في ضلالات شريبر محاولة للحفاظ على إحساس متماسك بالذات في مواجهة التشظي والاغتراب.

اللغة والرمزية: أكد لاكان على أهمية اللغة والرمزية في نظام شريبر الضلالي. لقد رأى استخدام شريبر للغة الدينية والميتافيزيقية كوسيلة للتعبير الرمزي عن تجربته الذاتية مع الذهان.

اسم الآب: سلط لاكان الضوء على دور "اسم الآب" في ضلالات  شريبر حول الاضطهاد. لقد رأى أن إيمان شريبر بالاضطهاد الإلهي هو محاولة للتعامل مع السلطة الرمزية للوظيفة الأبوية والقانون.

مقارنة:

 الرمزي في مقابل الخيالي: 

ركز تفسير فرويد على المعنى الرمزي لضلالات شريبر المتجذرة في الرغبات والصراعات اللاواعية. في المقابل، أكد لاكان على البعد الخيالي لذهان شريبر، مسلطًا الضوء على دور اللغة والصور في تشكيل تجاربه الضلالية.

أوديب في مقابل اللغة : 

بينما أكد فرويد على الديناميات الأوديبية الكامنة وراء ضلالات  شريبر، ركز لاكان على الجوانب اللغوية والرمزية لذهانه. سلط نهج لاكان الضوء على دور اللغة والمعنى في تشكيل التجربة الذاتية.

السياق التاريخي: 

تأثر تفسير فرويد لحالة شريبر بنظريات التحليل النفسي في عصره، وخاصة تأكيده على دور الجنس واللاوعي. يعكس تفسير لاكان ابتكاراته النظرية، بما في ذلك تركيزه على اللغة واللاوعي المنظم كلغة.

 قدم فرويد ولاكان تفسيرات متميزة ومتكاملة لحالة دانيال بول شريبر طبعا يطول شرحها هنا لانني اقدم لمحات فقط ، بالاعتماد على أطر التحليل النفسي والرؤى النظرية لكل منهما. وبينما ركز فرويد على الصراعات اللاواعية والتطور النفسي الجنسي، أكد لاكان على دور اللغة والرمزية والخيال في تشكيل التجربة الذاتية.

الإرث والتأثير:

لا تزال حالة دانيال بول شريبر قيد الدراسة والتحليل في مجالات الطب النفسي وعلم النفس والتحليل النفسي. و تظل مذكراته مصدرًا قيمًا لفهم التجربة الذاتية للذهان وتعقيدات التفكير الضلالي . ساهمت حالة شريبر في التقدم في تشخيص وعلاج الاضطرابات الذهانية وأثارت جدلاً وبحثًا مستمرًا في طبيعة الوعي البشري والحدود بين العقل والجنون.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

Post Top Ad

روابط الصفحات الاخرى

زوارنا من العالم

Free counters!

عن الموقع

مدونة التحليل النفسي اليوم هي مبادرة تهتم بالبحث في التحليل النفسي و محاولة لاثراء الثقافة التحليلية النفسية في العالم العربي من خلال تتبع و نشر كل ما يتعلق بالتحليل النفسي كعلاج نفسي و كنظرية

1

نموذج الاتصال

الاسم

بريد إلكتروني *

رسالة *